اعلم انك تستطيع كل شيء
قد علمت أنك تستطيع كل شيء ولا يعسر عليك أمر- أيوب 42: 2)
(الغير مستطاع عند الناس مستطاع عند الله- لوقا 18: 27)
في مسيرتنا في الحياة، تعترض طريقنا أحداثٌ ومواقف منها المؤلمة والحزينة، ومنها المُفرحة والمشجعة. نتصادم بأناس رائعين ومشجعين، او بآخرين يجتاحهم اليأس والإحباط، فنغدو نحن أيضاَ محبَطين. كم مرَّت علينا ليالي سوداء، ظلمتها حالكة، قاتمة، ولا يوجد بصيص نور أو رجاء. كم شعرنا أنفسنا نمر بصحراء جافة لا ماء فيها ولا ارتواء؟ بسبب أمور اجتزنا بها، أو أخبار نسمعها صباحاً ومساء؟ أظن أننا كلنا مررنا بظروف مثل هذه على حدٍّ سواء، وقفنا أمام أبواب مغلقة، ظروف مستعصية، سدود عالية، وتمنينا أن يحصل المستحيل!
لكن وسط هذه الصورة القاتمة السوداء، ووسط الظروف العصيبة والعواصف الهوجاء، تمتد يد قوية من السماء، وتلمسنا وتحول هذه الظروف المؤلمة والصحراء الجافة، إلى مروجٍ خضراء!
نعم إنه إلهنا القدير، الذي لا شيء عنده عسير، هو متخصص في أن يُخرج من الرمادِ جمالاً، ومن الشوكِ وروداً، ومن الجافي حلاوةً.
سأمر في هذا المقال على قصص من الكتاب المقدس، حيث في كل قصة نقرأ ونلمس يد الرب القوية، القديرة وهي تحوّل الامور المستحيلة، والظروف القاهرة والعصيبة إلى أمور عجيبة:
1) من الموت إلى الحياة (لوقا 7: 11): يصوّر لنا لوقا هنا، مشهداً حزيناً يكسر القلب، لأم أرملة تبكي على موت ابنها الوحيد، والجميع في موكب الجنازة يبكون معها على موت ابنها الشاب. ويقاطع هذا الموكب الحزين، مرور رئيس ومعطي الحياة، ويقف يسوع فوق النعش، ويلمس الشاب الميت، فيرجع للحياة. وفي قصة أخرى، هي قصة لعازر، اخو مريم ومرثا، هذه العائلة التي أحبت بسوع وأكرمته، ويسوع أيضاً كان يحبهم. لكن في ذات يوم مرض لعازر، وأرسلت اليه الأختان:"هوذا الذي تحبه مريض"، لكن يسوع لحكمة، ولمشيئة الهية، والتي هي أن يظهر مجده وأن يتعظم في أعين الجميع، لم يأتِ في الحال، بل مكث في المكان الذي كان به يومين، وعندما أتى الى الأختان، كان للعازر أربعة أيام في القبر! إنه وضع مستحيل الآن، فلو أتى يسوع من قبل، لما مات لعازر. وكم نقول:" لو تدخل يسوع حالاً لما وصلنا الى هذا الوضع، لو أبكر قدومه لما صار الأمر مستحيل". نعم، قد نتساءل لماذا لا ينقذنا الرب، لماذا لا يحل الأمور حالاً، ونبدأ في التشكك في كلمته، محبته، قدرته. قد تصل بنا الظروف الى طريق مسدود، ووضع ميؤوس مثل كومة العظام(حزقيال37). لكن الرب لا يقصد بهذا أن بحبطنا ويفشلنا، بل أن يتعظم ويتمجد، ويرفع ويبني ايماننا. مهما كانت ظروفك وتحدياتك اليوم، تعال الى يسوع. لو وصلت لحال الموت في مجال ما، وعجزت كل الامكانيات، أنظر الى يسوع، أطلب تدخله، وانتظر عمل القوات.
2) من الصخر يُخرج مياه (خروج 17: 5): بعد خروج شعب الرب من أرض مصر، بمعجزات ويد قوية وذراع ممدودة، وبعد أن أمطر عليهم الرب خبزاً من السماء أثناء مكوثهم في البرية، ها هم يقفون أمام تحدي آخر، الحاجة إلى الماء. وقد كان المستحيل تدبير ماء، أو تواجد نبع أو نهر يروي هذا الجمع الغفير، بعد التعب وعناء المسير، أين سينتهي بهم المصير؟ ونحن كثيراً ما تشبه حياتنا هذا المشهد، بعد إختبارات قوية وعظيمة، نجد أنفسنا فجأة في طريقٍ صعبٍ ، وظروف أليمة. وقد تدور في رأسنا أفكار، مثل هذا الشعب، أن النجاة والحلول غدت مستحيلة. هناك امر كثيرة وتحديات تقف مثل الصخور أمامنا، ونتساءل: "هل يمكن ان يخرج من هذا الوضع شيء صالح؟ هل تدب الحياة في هذا الوضع اليائس والبائس؟" نعم، أقول هناك رجاء، هناك افتداء لكل وضع وصل به الحال الى يأسٍ والى فناء. المياه تتحدث عن الحياة (يوحنا 4: 14)
فإذا كانت الظروف التي تمر بها صعبة وقاسية مثل الصخر، إن كانت التحديات والصعوبات تقف أمامك مثل الصخور، ولا تستطيع الإختراق والعبور، أطلب تدخل الرب، إسأله ان يمد يده، على كل تحدي ومشكلة، مهما بدت صعبة، فسيجعل القفار غدير مياه، ووسط الموت يأمر بالحياة.
3) في البحر، طريق للمشاة (خروج 14): خرج الشعب من مصر بانتصار عظيم، ورأوا وعاينوا معجزات الرب معهم، وها هم يصلون البحر الاحمر، ويقفون أمامه، وفجأة تدركهم جيوش ومركبات فرعون من خلفهم، ويبدأ الصراخ والتذمر:"هل لأنه ليست قبور في مصر أخذتنا لنموت في البرية؟ ماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر؟" (الآية 11).
وما أشبه رد فعلنا في بعض الأحيان حينما تحاصرنا الهموم والضغوط، التحديات والمستحيلات من كل الجهات؟ الإحباط يسود وتنخلط الكلمات، وننسى أن إلهنا القدير جالساً في السماويات.
نعم أعزائي الشباب، هل وصلتم الى طريق مسدود؟ هل الأمل في النجاة محدود؟ هل تشعرون بانكم محاصرون من كل جهة: صعوبات في التعليم، في اختيار العمل المناسب، قرار الزواج، تحديات مادية، تحديات بسبب الإيمان بالرب. هل قلت في نفسك:"قد اختفت طريقي عن الرب؟" (اشعياء27:40)، لتحول عينيك عن البحر العظيم الذي يقف أمامك، وارفع قلبك ويديكَ إلى الرب إلهك، فهو الذي يشق البحر أمامك، ويجعل فيه يابسة تمشي عليها أقدامك. تعال إليه مهما كان مقدار إيمانك، فحتى ايمان بطرس الضعيف جعله يلجأ ليسوع ويصرخ:"يا رب نجني"(متى30:14)، ويقول الكتاب المقدس، أن الرب يسوع في الحال مدَّ يده وأمسك به(الآية31).
ما هو المستحيل الذي تقف أمامه اليوم؟ هل يسبب لك القلق والهم؟ هل سَلبت منك الصعوبات سلامك وغرقت في الحزن والغم؟ ثق بيسوع، أنظر إلىه، إمسك بيديه، وقل له:"قد علمت أنك تستطيع كل شيء ولا يعسر عليك أمر." تعال إليه الان فهو يحبك بكل حنان ما انت ابنه يا انسان..
كاتب في صمت باحث وكاتب في التنمية الذاتيه وعلم النفس مدون مصري أعشق التكنولوجيا و التدوين لأفيد الناس بما أعرف حتى لو كان ما أعرفه قليل
كريم لابان